الجزء السابع
*السفينه كارباثيا
*السفينه كارباثيا
رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية:
أما
داخل هذه القوارب ، فكانت الدهشة تملا النفوس الجميع، الذين راحوا يتأملون
في ذهول سفينتهم العملاقة، التى لا تقهر، وهى تغوص في المياه بهيكلها
الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنعبثة منها والتى راحت تدوي
نغماتها عبر المياه !!
ولكن
سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة ، وإلى أن توقفت تماما،
بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء،وصعد الطرف الآخر إلى السماء حتى
كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار السفينة الزاهية
لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع والسفينة تشق
طريقها إلى القاع0 ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما تحت سطح
المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر0
ففي
الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من أبريل،
كانت السفينة تايتانيك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها من مئات
الركاب0
وبدأت
قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات مختلفة ودون هدف منشود،وسط
ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما يؤنسها في هذا الليل المخيف
إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا
القليل من هذا الظلام الحالك0
واشتد
البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما استطاعوا أن
ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب )خاصة وان البعض منهم قد هرع إلى
قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شئ0 وكان اتعس
هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه الجليدية
وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة ،وامتلأ
شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة0
ولم
يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في
المياه،وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب،والذي بلغ عددهم
الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا
جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه
الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم
فتؤلمهم اشد الالم0
ولم
يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه الجليدية ،فكان على ركاب هذا
القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة جذب زملاؤهم من تلك المياه
الجليدية المؤلمة0
ولم
ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه أثناء
غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما يمكن
التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه 0 ولكن كانت برودة هذه المياه
الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا
القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب
السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب
النجاة يتجه اليه0
السفينة كارباثيا :
قضى
ركاب القوارب ،الناجون من الهلاك ،ساعات طويلة عبر مياه المحيط ،وسط الليل
الحالك والبرد القارص ،سابحين بقواربهم إلى المجهول ،وكلهم يأس وحيرة في
هذه الوحدة القاسية عبر هذا البحر الواسع الممتد،فمرت بهم الساعات كأنها
سنوات طويلة ،فلم يكن هناك أي أمل في النجاة 0
وعندما بدا الليل يزول ،وبدأت السماء تنير ،كانت المفاجاة0
فظهرت
فجأة أنوار مضيئة تقترب من بعيد ناحية القوارب،لقد كانت أنوار السفينة
كارباثيا، التي كانت تسير في رحلة من رحلاتها عبر المحيط ،وكانت على بعد
حوالي 58 ميلا من القوارب 0
ويالها
من سعادة غامرة أحس بها ركاب القوارب حين لمحوا تلك السفينة من بعيد
،فراحوا يشدون انتباهها لهم بشتى الطرق ،فاخذوا يصفقون ويهللون ويلوحون
،كما استطاع بعضهم أن يشد انتباهها بالأنوار المضيئة ،فاستخدموا (
البطاريات ) ،وقاموا بإشعال النيران بمناديل اليد والأوراق وغيرها0
ونجحت المحاولات العديدة التي قام بها ركاب القوارب لشد انتباه السفينة كارباثيا، التي غيرت من طريقها وسارت في اتجاه القوارب 0
ومع بداية ظهور الشمس وقدوم يوم جديد كانت السفينة كارباثيا قد وصلت إلى القوارب لتبدأ في اغاثتها0
كان
مجيء سفينة الإغاثة لركاب هذه القوارب الضالة هو منتهى أملهم ، فتعلقت بها
أنظارهم جميعا في فرحه وسعادة غامرة 0 وبدأت السفينة تقوم بنقل الركاب إلى
سطحها ،قاربا بعد الآخر ،حتى تم إغاثة جميع الركاب ،وهيأت لهم العناية
الإلهية فرصة للنجاة بعدما كانوا فيه من يأس وفزع0
السفينة كارباثيا ..التي انقذت العديد من ركاب تيتانك
قوارب النجاة في السفينة كارباثيا تعد للارسالها لاستقبال الناجون من تيتانك
قوارب النجاة تحمل الناجون من الغرق
ارثر هنري روسترن قبطان السفينة كارباثيا
هارولد توماس موظف اللاسلكي بالسفينة كارباثيا